ام بدوي!!

--------------------------------------------------------------------------------

كانت (الحمارة الهبلاء أم بدوي) تعيش في مطار بالضاحية البعيدة ...
بعد أن ماتت جدتها التي كانت حياتها .... أجمع
بجوار الطائرات القديمة فتحت عيون طفولتها ... وترعرعت أحلام هبلها ...
لم تكن تشك لحظة في أنها في يوم من الأيام ستطير ... وتحلق بعيدا بين النجوم ...
وأن صوت محركاتها سيهدر ... حين تحلق ذراعيها في العالي .. برشاقة الألمنيوم ...
أسوة بجرم الطائرة السمراء التي كانت تمر من جوارها بشكل يومي ...
فتحاول مقارنة إزرار قميصها ... بعدد فتحات نوافذها ...
وتنظر بأسف لقدميها ... فحذائها ... لم يكن يوما من الأيام مستدير ... ولو أنه أسود ...
ولكن الأمر يحتاج للروية ... والصبر .. والأمل ...
جدتها كانت تعدها بذلك بثقة عمياء ... وجدتها صادقة ... لا تكذب ... فيما تقول ..
حتى عندما أخبرتها بأنها تفقد آخر أنفاسها ..
كانت تلمع جبهتها لتبرق ... كالزجاج ...
وجوانبها بالزيت لتلمع ..
وتنظر للخلف باحثة عن كتابة ورسم على ذيلها ...
وتصدر من فمها أزيز وحنة ...
تقف على أول المدرج متأهبة ... تحاول الاتيان بقفزة سحرية تصل بها إلى مجاهل السحاب ...
وتنظر للقمر الباسم بقهر .... وتتوعده بالقرب منه ... بل بالطيران لما هو أبعد منه ...

وتمر الايام ... والسنين ...
وأم بدوي ... تزداد هبلا ... وعبطا ... وإصرارا على المضي قدما في شوقها ... وخفتها ...
والطائرات ... تقف للصيانة ... وتتبدل موديلاتها ... ومن ثم ... تنتهي صلاحياتها ...
وأم بدوي ... رغم خصلات المشيب في مفرقها ...
لا زالت تحلم ... وتتنظر ... أن تحلق في فضاءات أول رحلة جوية لها .....!
حتى وهي تعاني من ضيق في أنفاسها ... ووهن ... كجدتها ....!!