[] تاريخ نابلسأسست نابلس في أواسط الألفية الثالثة قبل الميلاد عند المدخل الشرقي لمدينة نابلس الحالية على يد العرب الكنعانيين فوق تل كبير يدعى الآن تل بلاطة، وقد أسماها الكنعانيون في ذلك الوقت "شكيم" والتي تعني المكان المرتفع، ومن ثم أصبحت من أشهر المدن الكنعانية. أقدم من سكن " شكيم " من العرب هم الحويون والجرزيون " . صارعت نابلس الكثير من الغزاة و المحتلين عبر تاريخها الطويل، بحيث غزاها كل من الفراعنة المصريين و القبائل العبرية و الآشوريين و البابليين و الفارسيين و اليونانيين و السلوقيين، إلى أن سقطت بيد الرومان سنة 63 قبل الميلاد.
ذكرتها رسائل تل العمارنة بإسم (SKAKMI ) وموقع بلدة "شكيم" من أجمل مواقع مدن فلسطين فقد أقيمت على واد لا يزيد عرضه عن ميل واحد وبين جبلي عيبال و جرزيم المرتفعين ، حيث تكسوهما الكروم وبساتين الزيتون ، والينابيع الكثيرة التي تروي جنائن المدينة ، هذا الموقع الجميل جعل من الصعب تحصينها وجعلها أقل قدرة على الدفاع.
وفي سنة 69-67م قرر الرومان هدمها للمرة الأخيرة وبناء مدينة جديدة إلى الغرب منها أسموها "نيابوليس" أي المدينة الجديدة والتي حرفت عنها لفظة نابلس الحالية، وقد أقاموها وفق التخطيط الروماني في بناء المدن من حيث وجود شارعين متقاطعين ينتج عنهما أربع حارات، حيث ما زالت بعض هذه الحارات الرومانية قائمة بتسميتها إلى اليوم مثل حارة القيسارية.
وفي سنة 636م تم فتحها على يد العرب المسلمين بقيادة عمرو بن العاص بعد فتح غزة، حيث شهدت مرحلة من الأمان والهدوء النسبي والتحول في مختلف الميادين، وبقيت على هذه الحال إلى أن سقطت بأيدي الصليبيين سنة 1099م.
وفي سنة 1187م قام صلاح الدين الأيوبي بتحريرها وإزالة ما أحدثه الصليبيون من تغييرات فيها أثناء الاحتلال، وقد بدأت المدينة في العودة إلى ازدهارها خاصة في زمن المماليك الذين خلفوا الأيوبيين في الحكم ثم الأتراك العثمانيون الذين خلفوهم إلى أن سقطت في يد الاحتلال البريطاني سنة 1917م.
وفي سنة 1950م أصبحت جزءاً من المملكة الأردنية الهاشمية، وفي سنة 1967م تم احتلالها من قبل الإسرائيليين.
وتم تحريرها في سنة 1995م، بحيث أصبحت إحدى المدن الفلسطينية المحررة في السلطة الوطنية الفلسطينية. وبهذا فقد وصل إلينا من مختلف الفترات التاريخية السابقة مجموعة من المباني الأثرية والتاريخية الجميلة الممثلة لهذه الفترات، بحيث وصل إلينا، بالإضافة إلى مدينة شكيم، ثلاثة عشر أثراً رومانياً من أبرزها المسرح والمدرج وميدان سباق الخيل، كما وصل إلينا خمسة وستون أثراً لمعالم التراث الحضاري الإسلامي موزعة على المساجد والمقامات والزوايا والخانات والقصور والأسبلة والمدارس وغير ذلك.
ومما يؤسف له أن هذه الآثار قد تعرضت للتدمير والهدم والتخريب الوحشي على يد الإسرائيليين أثناء هجومهم على البلدة القديمة في نابلس.
المدينة
إذا كانت فلسطين هي قلب الوطن العربي لربطها شماله بجنوبه فإن نابلس هي قلب فلسطين لربطها شمالها بجنوبها و شرقها بغربها. كانت المدينة مركزاً للواء نابلس في الضفة الفلسطينية بعد عام 1948م وتحولت في منتصف الستينات مركزاً لمحافظة نابلس، تتمتع بموقع جغرافي هام فهي تتوسط إقليم المرتفعات الجبلية الفلسطينية وجبال نابلس، وتعد حلقة في سلسلة المدن الجبلية من الشمال إلى الجنوب وتقع على مفترق الطرق الرئيسية التي تمتد من الناصرة و جنين شمالاً حتى الخليل جنوباً و من نتانيا و يافا غرباً حتى جسر دامية شرقاً. تبعد عن القدس 69 كم وعن عمان 114 كم و عن البحر المتوسط 42 كم، تربطها بمدنها وقراها شبكة جيدة من الطرق تصلها بطولكرم و قلقيلية و يافا غرباً و بعمان شرقاً و بجنين و الناصرة شمالاً و بالقدس جنوباً.
ترتفع عن سطح البحر 550 م و تقدر مساحة المدينة العمرانية بـ 12700 دونم، و يمتد عمران المدينة فوق جبال عيبال شمالاً وجبال جرزيم جنوباً و بينهما وادٍ يمتد نحو الغرب. و لخصوصية الموقع الجغرافي لمدينة نابلس المتمثلة بإنحصارها بين جبلين تتواجد في المدينة العشرات من عيون المياه التي تزيد من جمال وبهاء المدينة ومنها عين العسل، عين الست، عين الكاس، عين حسين، عين القريون، عين ميرة، عين الخضر، عين الصلاحي، عين السكر، عين الصبيان، عين الساطور، عين العجيبة، عين بدران، عين التوباني، عين بير الدولاب، عين التوتة بالإضافة إلى سبل المياه مثل سبيل الغزاوي و سبيل الخضر و سبيل السلقية و سبيل الساطور.
تضم مدينة نابلس جامعة النجاح الوطنية، كبرى الجامعات الفلسطينية و أقدمها و أرفعها مستوى.
تشرف بلدية المدينة على تنظيم المدينة و على المرافق العامة.
الإقتصاد
نابلس عاصمة فلسطين الإقتصادية، و تعتبر المركز التجاري و الصناعي الرئيس في الضفة الغربية، إضافةً لأهميتها كمركز لتبادل المنتجات الزراعية. كما تشتهر بصناعة الصابون و إنتاج زيت الزيتون والمصنوعات اليدوية. تنتج المدينة الأثاث و البلاط و تشتهر بمهارة حجّاريها، و مصانع النسيج و دباغة الجلود. كما توجد على تخوم نابلس سوقاًً لتبادل البضائع الحيّة كالمواشي. تضم نابلس الإدارات العامة لكبريات الشركات الفلسطينية مثل شركة الإتصالات الفلسطينية و شركة فلسطين للتنمية و الإستثمار (PADICO) و فيها مقر بورصة نابلس المعروفة رسمياً بسوق فلسطين للأوراق المالية. كانت نابلس مركزاً للإدارات الإقليمية للمصارف الفلسطينية و العربية الموجودة في الضفة الغربية قبل أن يتم نقل معظمها إلى رام الله مع تأسيس السلطة الفلسطينية هناك.
ثقافة و تراث
تعتبر نابلس من أغنى المدن الفلسطينية ثقافياً و تراثياً. من الألقاب التي عرفت بها نابلس "عش العلماء" ويعود سبب التسمية إلى كون نابلس مركزاً علمياً وأدبياً وأن الكثير من العلماء والأدباء والشعراء قد خرجوا منها على مدى كثير من العصور. برز منها الكثير من أعلام الفكر و الشعر و الأدب. من أشهر شعرائها إبراهيم طوقان و شقيقته فدوى طوقان و من أدبائها أكرم زعيتر و عادل زعيتر و قدري طوقان و محمد عزة دروزة.
تحتضن نابلس جامعة النجاح الوطنية الأكبر في الضفة الغربية و التي تضم عشرين كلية. توجد في المدينة أيضاً كلية الروضة للعلوم المهنية إضافةً إلى مراكز ثقافية و إجتماعية مختلفة و مركز ثقافي فرنسي و فرع للمجلس البريطاني. مكتبة بلدية نابلس العامة هي أقدم و أكبر المكتبات في الضفة الغربية. أنشئ فيها متحف القصبة في موقع غني بالآثار الرومانية داخل المدينة القديمة.
[] آثار ومعالم[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط][] المعالم من العهدين الكنعاني و الرومانيتظهر الآثار الرومانية على أطراف المدينة القديمة و بعض المعالم في البلدة القديمة ترجع إلى العهد البيزنطي والصليبي. من الآثار الكنعانية و الرومانية المهمة في نابلس:
- سبسطية: مدينة أثرية فيها مدارج رومانية و شارع أعمدة. تقع على بعد كيلومترات قليلة شمال غرب نابلس.
- شكيم: مدينة كنعانية قديمة. بعض جدرانها لا تزال قائمةً إلى اليوم في الطرف الشرقي من مدينة نابلس.
- مدرج سباق الخيل في ساحة الشهداء (ميدان الحسين سابقاً) وسط مدينة نابلس.
- المدرج الروماني في رأس العين و يتسع لأكثر من ألف شخص، و ما زال بحالةٍ جيدةٍ.
- مقبرة عسكر البيزنطية.
- بئر يعقوب: و هو البئر الذي شرب منه السيد المسيح على يد المرأة السامرية، و أقيم فوقه دير أرثوذكسي، و لا يزال عامراً بالمياه الصالحة للشرب.
- قبر يوسف: و هو مقام يعتقد أن فيه قبر النبي يوسف عليه السلام، و لذلك استولى عليه اليهود عام 1967 و جعلوه مقاماً مقدساً لديهم و نقطةً عسكرية قبل أن يطردهم سكان نابلس بالقوة عام 2000.
- قناة جر المياه الرومانية: اكتشفت هذه القناة حديثاً على عمق 30 متراً تحت الأرض تحت أقسام من المدينة القديمة عند بناء مدرسة ظافر المصري. يعتقد أن هذه القناة تجر مياه الشرب من ينابيع جبل جرزيم، و لا تزال المياه تتدفق في هذه القناة. تم ترميم جزء منها و فتحه للزوار من قبل بلدية المدينة قبل عدة سنوات.
- أربع كنائس بيزنطية حولت إلى مساجد.
- آثار جبل جرزيم. يوجد على قمة الجبل معبد روماني وكنيسة بيزنطية ومقام إسلامي
ما زالت الحمامات التركية و المصابن شاهدةً على قدم هذه المدينة وعراقتها. كانت نابلس تضم عشرة حمامات تركية هجر بعضها أو تضرر بفعل الإهمال بينما تحولت حمامات أخرى إلى مرافق مختلفة مثل حمام الخليلي و حمام الريشة و حمام الدرجة و حمام القاضي و حمام التميمي و حمام النساء. تم خلال السنوات العشر الماضية تجديد بعض الحمامات التركية مثل حمام السمرة و حمام الشفاء، و أصبحت هذه الحمامات ملتقيات للسكان من مختلف الأعمار حيث تشهد إقامة فعاليات ثقافية و تراثية.
تعرضت المباني و المعالم التاريخية في نابلس لأضرار كبيرة من قبل الإحتلال الإسرائيلي، حيث دمر 149 معلماً من هذه المعالم بالكامل بينما تعرض 2000 معلم (أبرزها جامع الخضراء الذي يقدر عمره ب 400 سنة) لأضرار متنوعة أثناء عمليات الجيش الإسرائيلي في المدينة منذ بداية الإنتفاضة الثانية عام 2000.